تقع رِباط أم اليمن([1]) فوْق مُرتفع شاهقٍ يطلُّ على ساحِل مكرم بقبيلة بقيوة بالرِّيف المغربي. أسَّسَتْها امرأةٌ صالحةٌ فاضلةٌ تدعى أمّ اليُمْن. وفَدت على قبيلة بقيوة لنَشر التّعاليم الدّينية. ورجَّح مُؤرّخ البادية العلامة سعيد أعراب أن تكون رابطة أمّ اليمن هذه هي المعروفة الآن بـ: للا ميمونة. وتبعه في ذلك المؤرِّخ عبد الرحمن الطيبي في “الريف قبل الحماية”. وفرَّق الأستاذ الباحث عبد العزيز طليح بيْن مسجد للا ميمونة الذي بناه سُكان قبيلة بقّيوة المطل على مرسى بسكور، وبين رابطة أمّ اليمن التي تقع على ساحل مكرم.
وهي أمّ اليمن بنت علي امحلي البطوئي التوزاني، أمّ السّلطان يعقوب المريني كما يراه المؤرّخ محمد أونيا. وحسب هذه الرواية فهي التي وصفها ابن الأحمر بـ:”الحرة الحاجة الصالحة أم اليمن”، وابن خلدون بقوله: “وكانت امرأة صالحة خرجت إلى الحج سنة ثلاث وأربعين وستمائة فقضت فريضة الله عليها وعادت إلى المغرب رابعة من السنين سنة سبع وأربعين وستمائة، ثم خرجت ثانية سنة اثنتين وخمسين وستمائة، فتطوّعت بحجة أخرى وهلكت بمصر منصرفها من تلك السنة”.
يتساءل الدكتور مراد جدي؛ “أفلا يكون القول بأن الأمر يتعلق بهذه الشّخصية ما دامت تتوفر لها الإمكانيات المادّية والجاه والسُّلطة التي تؤهلها لإقامة هذه الرابطة في منطقتها، وهي في الأساس مسجد، خاصَّةً أنّ المرحلة شَهدت إقامة العديد من المساجد المرينية بالمنطقة”؟.
لعبت رابطة أمّ اليمن دورًا إشعاعيًا متميزًا تجازو حُدود قبيلة بقيوة خلال القرنين السادس والسابع الهجريين؛ حيث كانت قِـبْلة أهْل الصَّلاح والإصْلاح للخلوة والتَّعبُّد، ومعينًا لا ينضب لطالبي العلم والتّفقُّه. و”كان مِن عادة عبّاد بقيوة وصالحيهم أن يجتمعوا ليلة النِّصف من شعبان، وليلة سبع وعشرين من رمضان، وليلة عاشوراء في الرابطة المعروفة بأم اليمن…”.
من أشهر صلحاء بقيوة الذين لازموا رابطة أم اليمن؛
الشيخ أبو عيسى عمران أمصول البقيوي.
والشيخ أبو العباس أحمد بن سوسان البوسكوري.
والشيخ أبو يحيى زكريا بن يحيى التِّـقِّيتي، نسبة إلى تِيقِّيت بأدوز الرِّيف.
[1] ينظر: المقصد الشريف (ص92)، وروضة النسرين (ص17)، والنفحة النسرينية واللمحة المرينية (ص7)، والريف قبل الحماية (ص221)، وأعلام النساء في عالمي العرب والإسلام (5/300). ومعلمة المغرب (ص780). وحول الدين والسلطة بالريف في المغرب الأوسط، مقال للمؤرخ محمد أونيا، نشر في جريدة تيفراز عدد 21 أبريل 2005م. ومقال في فصل الاتصال بين مسجد “الرابضا” ورابطة للا ميمونة. مقال للأستاذ الباحث عبد العزيز طليح، نشر في جريدة تيفراز عدد 41، أبريل 2009م. وبحث للدكتور مراد جدي بعنوان: التدين الصوفي في طبعته النسوية ورهان النوع الاجتماعي: لالة ميمونة رمز الصلاح الأنثوي، نشر في مؤمنون بلا حدود 16 نوفمبر 2016م. ومقال الأستاذ عبد الصمد مجوقي بعنوان: ملاحظات حول حكاية للا ميمونة، نشر في جريدة أصوات الريف عدد 1 ص18.
0 تعليق