رأيك يهمنا

تابعنا

Facebook Pagelike Widget

آخر المنشورات

زوار الموقع

  • 0
  • 34
  • 41
  • 346
  • 1٬715
  • 198٬730
  • 701

0 تعليق

الرؤية والرسالة

لكي نُبْرِز التاريخ الحضاري والعلمي والثقافي للرِّيف المغربي يتطلّب عملًا دؤوبًا متواصلًا وصبرًا لا ينفد من أجل معرفة التُّراث الرّيفي أوَّلًا، ورَصْدِ أماكِنه واكْتشافه ثانيًا، وجَمْع شَتاتِه ثالثًا، وتَحْقيقه وترْميمِه وتَرْجَمَتِه وإخْراجه رابعًا، ثمَّ بعد ذلك تُعْقَد النّدوات والحَفلات لدِراسته وتقويمه.

وقد تنبَّه نقيب الأشراف عبد الرحمن بن زيدان إلى هذا الإهمال الذي لحق البوادي المغربية من قِبَل المُؤرّخين؛ كتافيلالت ودرعة والرّيف وجبالة والأطلس الكبير وتادلة ودكالة وما إليها رغم أنها عُرفت بحَركات علمية رائدة في مُختلف ميادين المعارف العربية وزخرت بكثير من الأعلام الكبار، فكمْ من وَرْياغليّ وبُفْراحِيّ وَبَطّوئِيّ وَتوزانِيّ ومَاواسِيّ يمرّ باسمه المطالع أثناء مطالعته، وكم مدارس وزوايا علمية في الريف لا تزال آثارها إلى الآن ماثلة للعيون.
كما أعلن خوفه من إمكانية ضياع كل ذلك إلى الأبد ما لم تتداركه أقلام الباحثين بجمع ما يمكن جمعه وتنسيق ما لا يزال مبعثرًا بين الآثار ومتداولاً في جلسات السَّمر. بل صَرَخ صَرْخَة لا يزال صداها مدويًا في أذن كل قارئ لكتابه “تبيين وجوه الاختلاف في مستند إعلان العدلية بثبوت رؤية الهلال” (ص21) حيث قال في حقِّ عالم مِن الرّيف حينما رآى تراثه يضيع: “أضاعه ومؤلَّـفَه قومُه وعشيرتُه من معاصريه فمَن بعدهم”، والكلام على العالم المحدث الفقيه ابن الزهراء الورياغلي وكتابه: “الممهد الكبير الجامع” الذي يعتبر بحقٍّ ثَروةً وطنيةً يفخَر بها المغاربة ويرفعون هاماتهم بانتماء مِثل هذا العالِم لهُم.
إذَنْ يُعتَبر نقيب الأشراف ابن زيدان المُلْهِم للعلامة المختار السُّوسي في تدوين تاريخ البادية فتمخّض عن هذه الفكرة مَشروع “سوس العالِمَة”، و”خلال جزولة” وغيرهما مما جادت به قريحته.
وكان كلام المؤرخ ابن زيدان أيضًا مُلهمي ومُحَفّزي حينما اخْترتُ كتاب “المُمهَّد الكبير” موضوعًا لأطروحتي الدكتوراه فحققتُ منه السِّفر السّابع، مع إنجاز دراسة مسْتقلّة عن الكتاب -ستنشر قريبًا بإذن الله- بعنوان: “المدخل إلى كتاب الممهد الكبير”.
بل زادتني تشبثًا غيْرة عالم سوس على تدوين تاريخ باديته، ونداؤه لمن يحذو حذوه بقوله: “هذه سوس وَجَدَت مِن هذا السّوسي من يبذل جهوده حول إحياء تاريخ بعض رجالاتها، فليت شعري هل تجد تلك البوادي الأخرى من تثور فيه الحمية المحمودة فيفتح لنا الأبواب التي نراها لا تزال موصدة، إننا أيّها الفيلالي والدرعي والريفي والجبالي والأطلسي والتادلي والدكالي لمنتظرون. أم يذهب هذا النداء كصرخة الوادي بين ثنايا الصدى؟”

وإنَّني مِن خِلال مَشْروع “الرّيف العالِمَة” أدوِّن بعضَ ما اجتمع لدَيّ طوال فتْرة من البحث والتّنقيب في التاريخ العلمي والحضاري للرّيف شمال المغرب -بدايةً من ساحل بادس غربًا، إلى نهر ملوية شرقًا، مرورًا بنهر ورغة جنوبًا، وصولاً إلى المنطقة الشّرقية- إحياءً لتاريخ منطقة لم تَحْظ بحقها في دراسة تاريخها العلمي ذلك أنَّ منطقة الرِّيف ألِفْنا تَورّع بَعضهم عن نِسْبة عُلمائها إليْها، واسْتِغراب البَعْضِ الآخر مِن أنَّ أرض المَنطقة خصبَة علميًا وحضاريًا، مكتفيًا بوسْمِها بأرْض البارود….