صدرت في بداية هذه السنة الجديدة (2021) رواية «الريفي» وهي ترجمة لكتاب الأنثربولوجي الأمريكي (كارلتون ستيفنس كون 1904-1981) الذي عاش في قبيلة (إگزناية) من الريف الأوسط جنوبا (شمال المغرب) ما بين( 1926-1928) وأنجز أطروحة الدكتوراه حول نفس القبيلة سنة (1928) في جامعة هارفارد تحت عنوان: (قبائل الريف)، وقد عمل (الأستاذ عبد المجيد عزوزي) مشكوراً على ترجمة الرواية إلى اللغة العربية لترى النور في بداية هذه السنة، وللإشارة فالأستاذ عبد المجيد عزوزي قد صدر له أيضا في أكتوبر الماضي ترجمة قيمة لرواية «لحم الثور البري» لنفس الكاتب (كارلتون كون)، والروايتان بينهما ترابط وإن افترقتا في بعض الأمور، فالأولى مدخلا مهما لفهم مجريات السردية الثانية، فما الذي حمله قالب هذه الأخيرة في متنها الأدبي؟
بادئ ذي بدء، فكما هو معلوم فالمنهجية المتبعة في قراءة الكتب تفرض قراءة الرواية من الناحية الشكلية بداية، وإذا كان الأمر كذلك، فالرواية من الناحية الشكلية كالآتي: متن الرّواية مجموع بين دفتي غلاف يغلب عليه اللون الأصفر، وعلى واجهته صورة رجل بلباس ريفي تقلدي، جلباب صوفي واسع الياقة وعمامة مكوّرة باتقان، وفي يد الرجل بندقية مصوبة في نفس اتجاه نظره، والرواية في طبعتها الأولى عن دار (سيلكي أخوين طنجة) قطع ورقها من الحجم المتوسط، وتقع في 278 صفحة، موزعة على خمسة أبواب ضمت أربعة وعشرين فصلا، إضافة إلى استهلال مقسم على ثلاثة عناون.
هذا من فيما يخص شكل الرواية وهيكلها، أما المضمون فإني سأسير مع الكاتب حسب سرده التسلسلي محاولا رصد أهم الأفكار والإشارات الاجتماعية والثقافية والسياسية حول المجتمع الريفي في بداية القرن التاسع عشر إلى حدود نهاية العشرينات من نفس القرن، وبالتالي فالقراءة في هذا السّفر الأدبي ستكون وصفية تحليلة إضافة تعليق نقدي على الروايتين، كما أشير إلى أن المقطفات السردية التي سأستعين بها في قراءتي هذه سأجعلها بين « » يعني أنها منقولة كما هي حرفيا دون تصرف.
في البداية نقف مع العنوان «الريفي» فهو إحالة إلى أصل الشخصية الرئيسية -عَلي أُوشَّن- في الرواية، فهو من الريف شمال المغرب، كما أن أغلب مجريات الرواية كانت خارج الريف إما في المغرب أو خارجه، وهذا ما جعل الشخصية (علي أُوشّنْ) يُنادى عليه بالريفي، أكثر من مناداته باسمه الشخصي، وقد يحمل العنوان أيضا ما له علاقة بالإثنية وكيف هو حضور الشخصية الريفية في المخيال الشعبي المغربي والغربي كذلك، خصوصا وأنّ الكاتب يكتب بعيون غربية.
وبين العنوان والاستهلال رُسمت صورة تقريبية تبين أهم المواقع المذكورة في الرواية على شكل خريطة جغرفية، وهي نفس الأماكن التي جرت الأحداث فيها في رواية «لحم الثور البري» وهذا ما يجعل قراءة الرواية الأولى مدخلا مهما في توضيح معالم مجريات الرواية الثانية (الريفي)، بعد هذه الصورة التقريبية استهل الكاتب سرده «بالرحيل» نحو المنفى «كان عدد الريفيين يتقدمهم ميمون، زعيم المجموعة يجتازون الفج في أعلى (وادي إِهَرُوشَنْ) تاركين خلفهم فضاء معتما يغشاه السديم» فقد انخرط آهالي (آيث عبد المؤمن) في نزاع دموي مع عشائر أخرى في من نفس القبيلة (إكزناية) جنوب الريف، مما جعل العشائر تتحالف ضدهم ليضطروهم مغادرة ديارهم قسرا نحو المنفى «كانت الكوكبة تشكل مجموعة بئيسة تغادر ديارها إلى منفى دائم».
فكان شمال مدينة فاس هو المستقر والمنفى، وقبل أن يجتازوا أراضي قبيلة (أكزناية) حلّوا ضيوفاً على رجل من أقربائهم يسمى (مُحند) فأكرمهم وسألهم عن وجهتهم المقابلة؟ أعلمه (ميمون) بالوجهة وأكد له هذا الأخير عودتهم يوما ما «سنعود بكل تأكيد.. سنرجع إلى ديارنا حتى بعد سنين عديدة سنتسلق الجبال ليلا وعند طلوع الفجر سنطلق النار على أعدائنا من خلف الصخور…» مسألة الثأر هذه لها جذور تاريخية في الريف عموما ووشم عميق في سيكولوجية الإنسان الريفي، مما يجعل من الثأر والسعي من أجله هوساً خطيرا تغذيه النزعات القبلية والعشائرية وتزكييه الهويات القاتلة.
استقر المنفيون في (الحاجب) شمال فاس، بعد أن تتدبر أحد القضاة بالمدينة مكانا لهم وهو قاض فاسد كانت له حكاية مع أخ (ميمون) البكر (عَلي أَوْرَاغْ-الأصفر-) سَارقُ الأبناك والبنادق السلطانية، والذي انتهى به الأمر في السجن ثم الموت بعد ذلك، فكان القاضي مضطراً لمساعدتهم حتى لا يفضحوا أمره، مرّت الشهور واستقر حال الأسرة بالمكان واعتادوا الحياة، وفي يوم من الأيام كان الأخوين (ميمون وحميد) يتسكعان نهاراً بأزقّة فاس، ليصادفا طفلا لطيفا يلعب مع جروه، فدار الكلام بين الثلاثة، ليقرأ الأخوين شبها في الطفل بنوعهم الريفي وصاح ميمون: «بحق مولاي إدريس!-إدريس الأول مؤسس الدولة الإدريسية بالمغرب– إنه يبدو كطفل من عائلتنا!».
فسألا عن اسمه، ولم يجب الفتى بما يقنع الأخوين ويشفي فضولهم، ليرتفع صوت امرأة منبعثا من أحد الحجرات المهترئة هناك «اسم الطفل (علي أُوشَّنْ-الذّئب-) ووالده جاء من الريف وكان يسمى (على أوراغ-الأصفر-) من المؤكد أنكم سمعتم عنه فهو معروف لدى الجميع» اندهش الأخوين مما سمعا! فحملقا في وجه الطفل وتفحّصا ملامحه أكثر «لا مجال للشك أنت ابن أخي» قال مميمون.
ليبدأ بعد ذلك حوار طويل مع المرأة حول نسب هذا الطفل وكيف انتهى به الأمر هنا، وأن (علي أوراغ) أخوهم لم يتزوج… فاقترح العم (حميد) تبنّي الطفل وأخذه إلى مقر سكناهم خارج المدينة ليتعلم القرآن في الكُتَّاب ويعيش في البراري حتى يصحّ ويشتد عوده، وافقت الأم على ذلك، إلا أن تدخل العم ميمون بقوله: لحظة «إن الأمر لا يخلو من جوانب العار، فالطفل ليس منّا كليا وطريقة ظهوره إلى الوجود قد تجعلنا موضع ازدراء» لكن العم (حميد) أردف قائلا، لا تقلق بهذا الشأن فنحن في بلاد العرب -يقصد مدن المغرب الداخلية أو كل ما عدا الريف-. ومسألة العار هذه لها وزن ثقيل في المخيال الشعبي الريفي وقد يصل الفرد الريفي بها إلى صناعة مآسي قاسية حسب (الكاتب) كما فعل (علي أوراغ) عندما خنق أخته (منى) ثم قيّدها بمساعد أخ له اسمه (عمار أقشار) ثم حفرا قبرا ووضعوها فيه، بعد أن وجّه (علي أوراغ) لها طعنات قاتلة، ثم حثّا التراب عنها، وهذا بعد أن انتفخ بطن أختهما من جراء وقوعها في كبيرة الزنى مع أحد الشباب.
مضت ست سنوات طويلة على المنفيين، تحسنت فيها وضعتهم المعيشية والمادية، وفي بداية العقد الثاني من القرن التاسع عشر توترت الأجواء في فاس بعد توقيع (معاهدة الحامية) فعمّ الغضب الشعبي والتوترات هنا وهناك، وبدأت الدبابية الاستعمارية الفرنسية تزحف على أراضي المغرب، في هذه الأجواء كان (علي أوشن) يرعى القطيع وفي يده بندقية قديمة، ليَلْمَح تقدم الجنود الفرنسيين نحوه، لم يتوتر ووقف ثابتا مع كلبه الوفي الذي بدأ ينبح بقوة، «أعطني إياها فنحن نصادر جميع الأسلحة»! أخذها الجنود بالقوة وكسروها أمام عينينه وهو يحاول استرجاعها، ليلقي به الجنود أرضاً وأطلقوا على كلبه النّار بعد هجومه على الغرباء غير المرحب بهم، فخر الكلب صعقا وارتعش جسده وتقلص ثم ارتخى وصار جثة هامدة، في وسط ذهول الفتى (علي أوشن) من هول ما يجري أمامه وبطش الاستعمار الجبان، تعالت أصوت طلقات النار موجهة نحو الجنود، تبعثر الجمع وزحف (علي وأوشن) بعيدا ليحتمي، فتسلل عائدا إلى منزله ليعلم بعد ذلك أن الطلقات كانت من طرف مجموعة من الرييفين الجيران الذين يرفضون تواجد الاستعمار بهذه الديار، وإلى هنا ينتهي الاستهلال لينتقل الكاتب إلى الباب الأول، فما الذي يتضمنه هذا الباب المعنون «بالوعد»؟
مضت السنون وأضحى (علي أوشن) شاباً قوياً، طويل القامة عريض المكنبين مسؤولا عن نفسه، وبين الفينة والأخرى كان يزور مدينة فاس، وفي إحدى الزيارات كان برفقة ابن عمه (موح أمزيان) وبينما هما في جولة في أزقّة فاس، استوقفهما مشهد أحد الأشخاص الذي يظهر من خلال هندامه أنه موظف عند المستعمر وهو «يصيح هل ترغبون في تناول اللحم مرتين في اليوم وكسب سبعة فرنكات؟ هل تودون الذهاب إلىى فرنسا وزيارة بلاد النصارى حيث كل شيء ممتاز؟ هل تتوقون إلى المشي في شوارع باريس الواسعة… التحقوا إذن بجيش المشاة لمحاربة الألمان!…» أعجب (علي أوشن) بهذا الخطاب وحفزته الوعود برؤية الفردوس المفقود! لكن ابن عمه عكس ذلك، فقد جذب (علي أوشن) من يده وقال له: «إن ذهبت إلى فرنسا فسيكون مصيرك الموت سيرغمونك على القتال في الجبهات الأمامية… لا تسمع إليه، لدينا ما يكفي من العمل هنا يجب أن نعود إلى الريف وقتال أعدائنا حتى نتمكن مرة أخرى من حرث مصطباتنا في وادي إهروشن!» الثأر يحضر مجددا في كلام ابن العم وجعله في منزلة قتال النصارى وزيادة، أنهيا الشابان جولتهما في أزقة فاس وقفلا عائدين إلى بيتهما.
تناولت الأسرة العشاء هنيئا مريئا، ليبدأ بعده طقس إعداد الشاي على المجمر الملتهب بالجمرات الحمراء، ومع الرشفة الأولى من كأس الشاي المنعنع نطق العم (ميمون) الذي انتهك حرمة عيد الأضحى في زمن مضى عندما أسقط ثلاثة رجال ببنقدقيته، انتقاما لأبيه وأخيه اللذين قتلا غدرا قبل العيد، فما زالت لعنة انتهاكه لحرمة يوم العيد تطارده وهي من أسباب النّفي لهم، قال ميمون وهو يرتشف الشاي: «سيصبح الجو مناسبا للقتال عما قريب… نتوفر لحد الآن على بندقية لكل فرد باستثاء ثلاثة أشخاص» وعدد لابأس به من الذخيرة، عقب أخوه (حميد) قائلا: من الأفضل التروي حتى نحصد غلة هذه السنة ونحصد الزرع ونشتري ما ينقصنا، رد ميمون: «قضينا هنا اثنتي عشرة سنة ولم يرى أحد منّا منازلنا أو مصطباتنا منذ أن اجتمع المجلس وقرر نفينا» وعليه وجب الاستعداد للإغارة على الأعداء لقد حان الوقت.
استمع (علي أوشن) باهتمام للكلام الدائر بين الاثنين، ليشارك بدروه بكلمة قال فيها: «سأحضر البنادق، سأحملها إلى هنا غدا ليلاً!» تعجب الجميع من كلام (علي أوشن) هذا، فسألوه كيف يفعل ذلك؟ فرد عليهم بعرضه لقصة الرجل الذي كان يحشد الناس للحرب في صفوف الفرنسين في السوق، ورأى أنه يمكن أن يتحايل عليهم، فينخرط معهم ثم يسرق بعض البنادق من المعسكر ويفرّ بعدها إلى حال سبيله، أُخذ في الكلام ورد فيه، ونوقشت المسألة لكن إرادة (علي أوشن) غلبت الجميع، فعزم وانطلق للتنفيذ.
وكذلك كان، تحايل (علي أوشن) على المسؤول المكلف بلائحة تسجيل المتطوعين المغاربة فغير اسمه ونسبه ومكان إقامته، فاقتيد إلى المعسكر قريبا من (حي الملاح بفاس) وفي الطريق رأى تحرش الجنود بالنساء فاشمأزّ من ذلك وقطع وعداً على نفسه بأن «لن يحدث هذا أبداً في الريف، لن ندع أقدام النصارى تطأ بلادنا» وصل (علي أورشن) المعسكر فبدأ يترصد هدفه -البنادق الثلاث- لكن الرّياح جرت عكس ما تمنى وخطط له فقد تضاءلت فرص سرقته البنادق بل حتى مسألة الفرار لم تعد ممكنة، وبالتالي أصبح مجندا في الجيش حقيقة! فقد انطلق القطار نحو (الدار البيضاء) ليعبروا بحراً من هناك نحو (فرنسا)، لم ينجح (علي أوشن) في الفرار للأسف، وبالتالي تبخر حلم البنادق الثلاث ومعركة الثأر في الريف، لكن ما خفف من آلام ومرارة الإخفاق هو تعرف (علي أوشن) في الباخرة على رجل من الريف اسمه (علال بن بوميوض) التُوزاني، فتشاركا الطريق والمحنة وخفف بعضهما على بعض في جو الغربة التي جمعتهما. وإلى هنا ينهتي الباب الأول من الرواية، فلنسر إلى الباب الثاني ولنعرف مجرياته.
ترجم الكاتب لهذا الباب بعنوان «في بلاد النصارى» استقر (علي أوشن) وصديقه (علال) في المعسكر المتواجد خارج (أسوار باريس) قرب (باب فرساي) وكان «جل الجنود من المغاربة والجزائريين والسينغاليين ولم يعثر الريفيان على مجندين آخرين من بلادهم في هذا المعسكر» خاض الريفيان مغامرات وتسكعا في شوراع المدينة وتاها في زخم الحياة الحيوية وحاولا التعرف على حياة النصارى في بلاد فرنسا.
هكذا، مضت الأيام بين التدريب في المعسكر والتسكّع في الشوراع المزدحمة، وفي يوم من الأيام «أمر الضباط الفرنسين مرؤوسيهم السنغاليين بحفر خنادق للتدريب على استعمال أسلحة وتقنيات القتال، ومن بين هذه التقنيات طريقة استعمال القنابل اليدوية» وهي من الأسحلة الجذابة للرييفين حتى أن (علي أوشن) تمنى لو بإمكانه تسليم بعضها لعمه (ميمون) «ليستعملها في هجومه المباغت! سيفجر منازل آيث ثاثنوت…» هذا ما جال في رأس (علي أوشن) بعدما قذف صديقه (علال) القنبلة وسمع صوت انفجارها مدويا، وقبل ذلك صاح (علي أوشن) بعبارة «بجاه مولاي إدريس!» وهذا ما يدل استحضار بركة الأضرحة وحضور الزاوية والأولياء في المخيال الشعبي المغربي ككل، حتى في قذف قنبلة يدوية.
استمر التدريب لأيام ثم نقل الجنود إلى ساحة الوغى لمواجهة (الألمان)، وقد اختير الريفيان كقناصان ماهران «وسُلم كل واحد منهما بندقية طويلة بمنظار مقرب» تبادل الريفيان النّار مع بعض الجنود الألمان المحصنين في الخنادق، وقد أصيب علي أوشن برصاصة لكنها لم تكن عميقة أصابت الجلد فقط، وبعد أن أحكما دقة التصويب بما في يدهما، «استدار الاثنان وسدد بندقيتهما نحو خنادق الفرنسين! … لم تتم إراحة جميع الجنود الفرنسيين، وكانت بعض الخوذات الحديدية لا تزال تلوح في الخنادق وهي التي صوب إليها الريفيان بندقيتهما وقتلا بالتالي سبعة فرنسيين» وهذا يظهر أن الريفيان كانا يعتبران النصارى ملة واحدة وأعداء الله يتوجب إهمال الرصاص فيهم فلا فرق بين الفرنسيين والألمان، المهم أنهم ليسوا مسلمين «لقد جاهدنا في سبيل الله لنضمن مكانا في الجنة وقتلُ كل واحد منا عددا من النصار وستفتح أمامنا أبواب الجنة حتى وإن استشهدنا هذه الليلة بالتحديد»! هكذا تكلم (علال)، ورد عليه (علي أوشن) بالحمد لله.
في هذه المعركة تمكن الريفيان من أسر اثني عشر جنديا ألمانيا، لكن فرحتهم لم تدم طويلا فقد أُسقطت عليهم قذيفة شتت شملهم وأصيب الكل، ومنهم من فقد حياته، استفاق الاثنان في المستشفى «كانت رِجْل (علي أوشن) ممددة أمامه ومثبتة بإحكام في جبيرة.. أما صديقه علال فقد تعرض لأصابة في الرأس وقد نجى من الموت بفضل خوذته الحديدية» كانت أياما رتيبة في المستشفى قضاها (علي وعلال)، ليحضر في أحد الأيام (جنرالا) قدم التحية العسكرية للريفيان وشكرهما وقبّل جبينهما وكرّمهما بوسام رفيع، تقديرا لهما على بسالتهما في الحرب وخدمتهما لفرنسا، وكل هذا في سبيل مجدها، لكن هذا لم يطرب الريفيان ولم يحفلا بهذا التكريم بل رأى (علال) أنهما أصبحا من النساء بعد تقليدهما الميداليتان! وهذا في عرف الريف له بُعد أيضا، فلا أحد من الرجال يتلقد الحلي وما شابه ذلك لأنه يعد من خوارم المروءة وفيه تشبه بالنساء، كما أن (علي أوشن) قال للممرضة أن تنزع عنه الميدالية وتسلمها لأحد أبناءها ليلعب بها! وبعد تحسن حالتهما نوعا ما، أحيلا على الخدمة في المطبخ بعيدا عن ساحات الحرب. هذا أهم ما جاء في هذا الباب الثاني.
بقلم: بلال بوزيان
0 تعليق