من نوازل الجهاد: [يهود توات] لأبي عيسى الماواسي
أجاب فقيه فاس ومفيتيها الفقيه المحصل الإمام أبو مهدي عيسي بن أحمد الماواسي بما نصه: الحمد لله وحده دائما.
الجواب والله سبحانه الموفق للصواب بفضله، أن منزلة توات وغيرها من قصور الصحراء هي كلها ديار إسلام، فلا ينبغي المسامحة باقرار الكنائس فيها للكفار، وان قال به جماعة من العلماء، الا أن يكون ذلك شرطا لهم في عقود جزيتهم … لهم بما عهد لهم في جزيتهم. هذا مذهب المدونة وهو قول ابن القاسم المعمول به والمعروف له، فلا يحسن العدول عنه مع ظهور ووضوح وجهه، الا أن يثبت عند هذا المفتي بتقرير الكنائس المذكورة أن حدوثها كان شرطا لليهود في عقد جزيتهم كما جري العمل بذلك في كثير من بلدان الاسلام فتصح فتياه ويحسن تقريره لموافقته للمشهور.
وأما ما ذكر حفطه الله تعالي من الأقوال المسرودة فحسن مساقها، وما حكاه المخالف من الاجماع المنعقد على هدم كنائسهم، فان كانوا بالحالة المعروفة لأهل الذمة من أداء الجزية عن يد وهم صاغرون، فذلكم من تحكماته. وان خالفوا الحالة الموصوفة وكانوا ناقضين للعهد فقوله حسن.
وكذلك كل ما ضربه القائل المذكور من الأمثال لا ينبغي اجراؤها الا فيمن نقض العهد من الذميين، وأما غيرهم فلا.
وما نقله الشيخ أبو محمد صالح أن أرض الإسلام لأهل الشرك إحداث كنيسة فيها، فقد جرى في نقله على المشهور المشار اليه قبل هذا الاتفاق للعلماء على الحكم في المسألة بما قرره، فلا حجة فيه لمخالفكم ولا في نظير هذا النص مما يعضد فيه ناقله الوقوف مع المشهور.
وما ذكر صاحب السؤال من الاحتجاجات على مختاره جله حسن صحيح لا يكاد يسقط منه شئ في النطر والاستدلال سوى محال يسيرة ينبغي مراجعة النطر فيها واعادته اليها. والله سبحانه أعلم.
وقد ذكر الشيخ الامام ” أبو العباس أحمد بن ادريس القرافي ” في الفرق الثامن عشر والمائة من قواعده عن ابن حزم في مراتب اجماعه الشروط المشترطة في أداء الجزية شروطا ذكر فيها ألا يحدثوا كنسة ولا يجدوا ما خرب منها الخ.
وهذا كان لا يمس محل النزاع، فقد اعتني الأئمة باشتراط الجريان في عقد الجزية على المشهور المنصوص، والله سبحانه أعلم، وهو الموفق للصواب بفضله. وكتب مسلما علي من يقف عليه العبد الفقير اليه عيسي بن أحمد الماواسي انتهي.
المعيار المعرب (2 / 225 – 226).
0 تعليق